"إما الموت أو الهرب إلى المجهول": قصة لجوء قاسية ختمها الدكتور وليد الخزرجي بأفضل الإنجازات

IMG_20221103_160802.jpg

Dr Waleed Alkhazrajy Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

درس مهنة الطب والتي هي من أشرف المهن وأكثرها إنسانية لمداواة الناس، لذا عندما طلب منه أن يقوم ببعض العمليات الوحشية بحق الجنود الفارين من الخدمة العسكرية في العراق، لم يستطع أن ينفذ الأوامر، فهرب إلى مصير مجهول وصل به إلى أستراليا على متن قارب متهالك، ليبدأ رحلة جديدة لم تكن سهلة ولكنها أوصلته إلى مراكز عالية في مجال الطب والعمل المجتمعي.


النقاط الرئيسية:
  • لم يستطع الدكتور وليد الخزرجي تنفيذ أوامر التعذيب فبدأ رحلة الهرب من العراق.
  • وصل إلى سواحل أستراليا على متن قارب صيد متهالك وكان الإحتجاز في انتظاره.
  • بعد سنة من إطلاق سراحه، حصد المركز الثاني في امتحانات المجلس الطبي الأسترالي.
بعد الغزو العراقي للكويت، كان العراق يمر في أوقات صعبة بسبب تخلخل النظام وازدياد حالات الهروب من الجيش، لذا صدر قرار بأن يقوم الأطباء وخصوصاً من يخدمون في الجيش بعمل بعض العمليات الوحشية كقطع جزء من الأذن أو وسم الهاربين بإشارة X على جباههم لردع الآخرين من الهرب.

عندها لم يكن أمام الدكتور وليد إلا الهرب حاله حال الكثيرين من الأطباء الآخرين الذين تركوا مهنتهم وتركوا العراق كي لا ينكثوا القسم الذي أدوه عند تخرجهم.
نحن من يداوون الناس ويساعدونهم ليسوا من يتسبون لهم بإعاقات مستديمة.
IMG_20221103_160729.jpg
حفل تخرج الدكتور وليد الخزرجي من كلية الطب Source: Supplied
كان السفر ممنوعاً الأطباء وحاملي الشهادات، ولم يكن أمام الدكتور وليد سوى منفذ واحد وهو الأردن الذي لم يكن يسمح ببقاء العراقيين لفترة طويلة، ما أدى إلى نشوء وترعرع تجارة تهريب البشر.

يقول الدكتور وليد، "تعرفت حينها على بعض الأشخاص، وكان الحل أن أترك الأردن باتجاه ماليزيا وإندونيسيا ثم أستراليا. هذا الطريق كان صعباً ومجهولاً كونك تنتقل من بلد إلى آخر وأنت تجهل مصيرك المعلق بالمعلومات التي تنتظرها من المهربين".
IMG_20221103_160744.jpg
Source: Supplied
بعد الوصول جواً إلى ماليزيا، كانت الرحلة إلى إندونيسيا على متن الباخرة ومن ثم قضى الدكتور وليد رحلة يومين في غابات وأدغال إندونيسيا إلى أن وصل مع المجموعة التي كانت برفقته إلى جاكارتا حيث انتظروا يومين إلى أن انتقلوا إلى المحطة الأقرب إلى أستراليا في تيمور حيث استقلوا قارباً خشبياً متهالكاً ذا محرك واحد يستعمل لصيد الأسماك.
كان الاضطرار سيد الموقف في ذلك الوقت وأبحرنا ليلتين وثلاث أيام إلى أن وصلنا إلى منطقة في شمال غرب أستراليا.
وهنا كانت الصدمة الأولى للدكتور وليد في أستراليا حيث اعتقل لمدة 11 شهراً في مركز Port Headland للاحتجاز، والتي كانت تجربة قاسية ومريرة لأن فيها المجهول وما جعلها أكثر مرارة هو الانقطاع عن الأهل والمجتمع الخارجي.

يقول الدكتور وليد، "بعد أن حصلت على صفة لاجئ وتم إطلاق سراحي، كانت الصدمة الثانية إذ خرجت إلى بلد ومجتمع يختلف كلياً عن الثقافة التي أتيت منها ويسبقها بسنوات كثيرة بالتطور التكنولوجي والعلمي".
IMG_20221103_160757.jpg
Source: Supplied
ولكن رغم هذه الصدمات، أصر الدكتور وليد على المضي في الحياة والاستفادة من تجربته القاسية كدافع لتغيير واقعه وحياته نحو الأفضل، وكونه يملك كل المؤهلات ركب مركب التطور وسار به، فاستطاع في السنة التالية من خروجه من المعتقل أن يحصد المركز الثاني في امتحانات المجلس الطبي الأسترالي، وأكمل تدريبه كطبيب تخدير إلى أن فتح عيادته الخاصة فيما بعد.
أستراليا قدمت لنا المجالات وفتحت لنا الأبواب، فكل ما أرادوه منا هو أن ندرس ونثبت جدارتنا في هذا البلد.
بعد هذا المشوار، كان الزواج هي الخطوة التالية التي أقدم عليها الدكتور وليد، والمفارقة أنه تزوج من سيدة أسترالية لا سيما أنه لم يكن قادراً أن يعود إلى العراق ليتزوج من عراقية ولم يكن لديه أي عائلة في أستراليا.
IMG_20221103_160721.jpg
الدكتور وليد الخزرجي مع بناته مرتدياً بدلة قوات الدفاع الأسترالية التي ينتمي إليها Source: Supplied
وعن هذا الزواج المختلط يقول الدكتور وليد أنه رغم اختلاف الثقافات، فقد كانت زوجته متفهمة واستطاعوا سوياً أن يدمجوا الثقافات فيما بينهم. ولكن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة لأبنائهم فهم يعانون بشكل كبير بسبب تصنيف المجتمع لهم وخصوصاً في المدارس سواء الأسترالية أو العربية الإسلامية.
أولادي لم يتمكنوا من أن يخوضوا الحياة بشكل سهل وسلس بسبب اختلاف الجنسيات بين الأم والأب.
بالإضافة إلى عمله كطبيب، فالدكتور وليد هو أمين صندوق الجمعية الإسلامية في جنوب أستراليا وكلن رئيسها سابقاً ويعمل دائماً في إطار عمله المجتمعي على تقريب المسافات بين المسلمين والمجتمع الأسترالي التي يعتبرها رسالة حياة من أجل بناء الجسور بين الثقافتين وإنتاج قوة تدمج المجتمعين لحياة أفضل.
IMG_20221103_160751.jpg
Source: Supplied
ورغم كل سنوات البعد عن الوطن الأم، فالعراق ما زال حياً في قلب وعقل الدكتور وليد ولا يمكنه التنكر أبدأ لأصوله العراقية التي يفتخر بها، ولكن أستراليا اليوم هي أيضاً بلده والموطن الذي يعيش فيه ويدافع عنه حتى أنه منتمي إلى قوات الدفاع الأسترالية كرد للجميل للبلد الذي أكرمه وشرفه وأعطاه الكثير.
وفي ختام اللقاء، نصح الدكتور وليد اللاجئين والمهاجرين الجدد بنفض غبار رحلة المتاعب والصعاب التي مروا بها، ونفض غبار كل الآلام والصدمات عنهم مما سيساعدهم على الاندماج الإيجابي في المجتمع الأسترالي من خلال المثابرة على العمل الذي هم المصدر الأساسي لسعادة الإنسان واحترام القانون والسعي إلى حياة أفضل والمشاركة بكل نواحي الحياة.

يمكنكم الإستماع إلى هذا البودكاست كاملاً في التسجيل الصوتي المرفق أعلى الصفحة.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على وو

توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على 

يمكنكم أيضًا مشاهدة أخبار في أي وقت على SBS On Demand.

شارك