"دخل الزجاج في صدره": أم الطفل الأسترالي الذي مات في انفجار بيروت تروي قصتها

Sarah Copland

Sarah Copeland with her son Isaac who died in the Beirut blast on August 4,2020. Source: Sarah Copeland

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

هز الانفجار الضخم مرفأ بيروت في 4 آب أغسطس العام الماضي وخلف 210 قتلى من بينهم الطفل الأسترالي ايزاك اولر. والدته سارة كوبلاند تصف لحظات الانفجار في هذه المقابلة.


كانت تعمل سارة كوبلاند مع وكالة تابعة للأمم المتحدة في نيويورك وتعيش هناك برفقة زوجها وطفلها أيزاك قبل أن تنتقل إلى بيروت في آب أغسطس 2019. وفي حديث لأس بي أس عربي24، قالت كوبلاند انها استمتعت بوقتها في العاصمة اللبنانية قبل وقوع الانفجار الذي خلف 210 قتيل وآلاف الجرحى.

"بلد جميل وشعب طيب. تقبلونا كجزء من عائتلهم وأحبوا ايزاك كثيراً" بهذه الكلمات بدأت كوبلاند تصف علاقتها بلبنان واستطردت قائلة: "بيروت مدينة عصرية وكثير من الأشخاص في الغرب لا يدركون ذلك. قضينا أوقاتاً ممتعة وكنا نرتاد المقاهي والحانات والمطاعم وكنا نتردد دائماً على زيتونة باي."

لدى وصولها إلى بيروت، بدأت العائلة الصغيرة تبحث عن مكان دائم للسكن وعثروا على شقة في منطقة بعبدا حيث يقع القصر الرئاسي ووقتها قال لهم صاحب المنزل أن من يعيش هناك كأنه لا يعيش في بيروت فأجابته قائلة: "ليس هذا ما نبحث عنه، نريد أن نكون على مقربة من نبض المدينة!"

بالنهاية، سكنت سارة وزوجها وأيزاك - لم يكن عمره يتجاوز عاماً واحداً – في حي الأشرفية بالقرب من متحق قصر سرسق وبنوا علاقات طيبة مع الجوار وبدأوا خلال فترة قصيرة يشعرون بأنهم على اتصال وثيق بالثقافة المحلية.
Sarah Copland
Source: Sarah Copland

"شعرت بأنني في فيلم": وقت وقوع الانفجار

كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة وثماني دقائق من مساء الرابع من آب أغسطس. أمسية اعتيادية في حياة العائلة حيث كانت سارة تطعم أيزاك عشاءه وهو في كرسيه الصغير: "كنا قد اعتدنا غناء أناشيد أطفال وقت العشاء. كان أيزاك يتردد على حضانة قريبة تدرس اللغات العربية والفرنسية والانجليزية. كنا قبل الانفجار بدقائق نغني إحدى أغانية الفرنسية المفضلة (ألاويتا)."

سمعت سارة دوي الانفجار الأول وركضت إلى النافذة لتفقد ما حدث. ثوانِ وضرب الانفجار الثاني: "ظننت أنه إما هجوم إرهابي أو تفجير قنابل. دفعت بي قوة الانفجار على الأرض."

أصيب أيزاك بشظايا الزجاج في صدره فركضت به والدته إلى دورة المياه ظناً منها أنه سيكون هناك أكثر أماناً: "كنت حامل في الشهر السابع وأصبت بشظايا زجاجية في جسدي ووجهي. بدأت أدرك وقتها كم كانت إصابة أيزاك بليغة."
Sarah Copland
كرسي أيزاك الذي كان يتناول فيه عشاءه وقت وقوع الانفجار Source: Sarah Copland
تصاعدت أعمدة الدخان الضخمة من مرفأ بيروت المتاخم للقسم القديم من المدينة وحي الأشرفية – حيث تسكن سارة – كان من بين الأحياء الأكثر تضرراً.
شعرت بأننا نعيش مقطعاً من فيلم، شارعنا دمّر بالكامل والمستشفيات القريبة منا تضررت بشكل كبير
ركضت سارة إلى الشارع الرئيسي وبدأت تلوح للسيارات في منتصف الطريق: "توقف رجل طيب كان بصحبة زوجته وولديه. لم يكن يتحدث الانجليزية ولغتنا العربية ضعيفة للغاية ولكنه عرف أننا نرغب بالوصول إلى المستشفى لإسعاف أيزاك. أوصلنا إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي الذي يبعد 6 كيلومترات عن مكان سكننا. شعرت بأنه أطول مشوار في حياتي."

عندما اطلع الأطباء على إصابة أيزاك، نقوله فوراً إلى قسم آخر: "قلق الأطباء على الجنين واصطحبوني إلى قسم آخر في المستشفى. افترقت عن أيزاك الذي ظل مع زوجي ولم أراه مرة أخرى.حاول الاطباء لساعات لانقاذه وانا اعلم ذلك ولكن.."

"أشاطر الشعب اللبناني غضبه"

بعد مرور 7 أشهر على وقوع ما وُصف بأحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، ما زالت سارة تتابع أخبار لبنان كل يوم" اسودت الحياة في وجهي ووجه زوجي بموت أيزاك. الشعب اللبناني ما زال يعاني أيضاً مع كل الفوضى والوضع الاقتصادي المتردي والوباء. ألا يكون هناك تحقيق في الانفجار أمر غير مقبول."
ما حدث كارثة من صنع الانسان وكان يمكن تفاديها. لم يكن يجب ان يموت ايزاك بسبب الاهمال والفساد.
هذا وأصدر زعيم المعارضة الفدرالية أنثوني ألبانيزي بياناً دعا فيه حكومة الائتلاف إلى اتخاذ خطوات عملية للضغط باتجاه إجراء تحقيق مستقل وشفاف في تفاصيل الانفجار ومحاسبة المسؤولين عنه بالتعاون مع الحكومة هناك والمجتمع الدولي.
Sarah Copland
الواجهات الزجاجية التي تكسرت في شقة سارة في الأشرفية. Source: Sarah Copland
عن هذه المطالبات قالت سارة: "على الحكومة الاسترالية أن تدرك ان مواطناً استرالياً مات في هذه المجزرة. يتوجب على الحكومة أن تطالب بفتح تحقيق مستقل لأنه ما زال يراوح مكانه ويتعرض لتدخلات سياسية.  دول كأستراليا يجب ان تدعو لتحقيق مستقل ليكون هناك اجابات ليس فقط لعائلتي وانما للبنانيين جميعاً. لا نستطيع التحدث عن العدالة للضحايا اذا لم نعلم من المسؤول عن تخزين نترات الامونويوم لست سنوات في المرفأ."

أنجبت سارة طفلاً في تشرين الأول أكتوبر الماضي أطلقت عليه اسم ايثان ولكنها ما زالت متألمة مما حدث: "كان أيزاك طفلاً رائعاً ومحباً وذكياً ومضحكاً. نشتاق له كل يوم، من الصعب أن أصف الألم الذي أشعر به لأنني لم أتصالح بعد مع فكرة مكونه. ايثان هو السبب الذي يدفعنا للاستيقاظ صباحاً والتفكير في المستقبل. هو الضوء في العتمة التي خيمت على حياتنا."

استمعوا إلى المقابلة مع سارة كوبلاند، الأم الأسترالية التي فقدت ابنها أيزاك في انفجار بيروت، في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه. 


شارك